كلمة هجر في القرآن الكريم هِيَ خَيْرٌ مَا يُمكننا أَن نُعبّر بِهِ عَنْ قُبح هِجْرَان كِتَابِ اللَّهِ ، حيثُ أنّ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ أَعْظَمِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي أُنزِلت عَلَى خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ والمُرسلين مُحَمَّد صلّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ويحتوى هَذِه الْكِتَابِ عَلَى الْكَثِيرِ مِنْ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ الَّتِي تَحُثُّ عَلَى عَمَلٍ الْخَيْرِ ،كلمة هجر في القرآن الكريم وَالصَّلَاح وَالْفَلَاحُ فِي الْأَرْضِ ، وتُوضّح لَنَا هَذِهِ الْآيَاتِ العَدِيدِ مِنَ الْأُمُورِ المُحرّمة عَلَيْنَا كمُسلمين ، ويجبُ عَلَيْنَا اتّباعها ، ويحتوي أيضًا هَذَا الْكِتَابِ الْعَظِيمِ عَلَى العَدِيدِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ العلميّة الَّتِي تُبرهِن عَلَى قُوَّةِ وَعَظْمُه اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتعالي ،كلمة هجر في القرآن الكريم وَفِي صَدَد ذَلِك سنُضع لكُم أَقْوَى كلمة هجر في القرآن الكريم ، حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا كمُسلمين أَن نهجر كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . .
هجر القرآن الكريم
- إن مما تدمع العين لذكره ويحزن القلب للتفكر فيه، ما ابتلينا به في هذا الزمان ألا وهو هجر القرآن العظيم والبعد عن هديه الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- أيها الأحبة لقد هُجر القرآن الكريم تلاوة وزهد الكثير في مذكراته وحفظه وتدارسه، وهجر أيضًا سماعه فأقبل الناس على سماع مزمار الشيطان، وهجر تحاكما وعملا وحُكِّمت بدله القوانين الوضعية والرغبات النفسية، وهجر تدبرا، ولو أنزله الله على الجبال الشامخات لتصدعت من خشيتها لله لأنه كلامه سبحانه وتعالى، وهجر القرآن الكريم استشفاءً وتداويًا ولجأ بعض الناس إلى السحرة والعرافين الذين أفسدوا على الناس دينهم ودنياهم، ولله المشتكى.
قال جل وعلا(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا )[ الفرقان:30] - يقول الإمام ابن كثير –رحمه الله- : “فكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره، حتى لا يسمعوه، فهذا من هجرانه، وترك الإيمان به و تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه”.تفسير ابن كثير (3 /318)
- يقول الشيخ السعدي رحمه الله :” قد أعرضوا عنه وهجروه، وتركوه، مع أن الواجب عليهم الانقياد لحكمه والإقبال على أحكامه، والمشي خلفه”.تفسير السعدي (ص 582)
- يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- هجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به، والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يُفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم، والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه، والخامس: هجر الاستشفاء و التداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به وكل هذا داخل في قوله ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا )”.الفوائد ( ص82)
- ومما ينبغي العلم به أن حكم هجر القرآن الكريم يختلف باختلاف نوع الهجر،وحال الهاجر.
- يقول ابن القيم-رحمه الله-:”وإن كان بعض الهجر أهون من بعض”.
- وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء بالمملكة العربية السعودية ما نصه: ” والإنسان قد يهجر القرآن فلا يؤمن به ولا يسمعه ولا يُصغي إليه، وقد يؤمن به ولكن لا يتعلمه، وقد يتعلمه ولكن لا يتلوه، وقد يتلوه ولكن لا يتدبره، وقد يحصل التدبر ولكن لا يعمل به، فلا يُحل حلالَه ولا يُحرم حرامه، ولا يُحكِّمه ولا يتحاكم إليه، ولا يَستشفي به مما فيه من أمراض في قلبه وبدنه، فيحصل الهجر للقرآن من الشخص بقدر ما يحصل منه من الإعراض “. فتاوى اللجنة الدائمة ( 4/103)
- أيها الأحبة إن سلفنا الصالح ( رضوان الله عليهم) قد حذروا من هجر القرآن الكريم وذكروا الأسباب التي أدت إلى ذلك، وذموا من هجره.
- فعن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- قال : “لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام الله وما أحب أن يأتي علي يوم ولا ليلة إلا أنظر في كلام الله -يعني في المصحف- “. حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني (7/300)
- وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه- قال : لقد عشنا بُرهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلمون أنتم القرآن، ثم قال: لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما أمره ولا زاجره،ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ينثره نثر الدَّقَل – أردأ التمر- “.رواه الحاكم في المستدرك (1/91)
- وعن معاذ بن جبل-رضي الله عنه- قال:”سَيَبْلى القرآن في صدور أقوام كما يَبْلى الثوب ، فيتهافت، يقرؤونه لا يجدون له شهوة ،ولا لذة …”.الدرامي في السنن( 3346)
- وعن أبي عبد الرحمن السلمي –رحمه الله- قال: ” أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات،لم يجاوزهن إلى العشر الأُخر، حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث القرآن بعدَنا قوم يشربونه شُرب الماء، لا يُجاوز تراقيهم”. سير أعلام النبلاء للذهبي ( 4/269)
- يقول الإمام الآجري –رحمه الله- : فأمّا من قرأ القرآن للدنيا، ولأبناء الدنيا فإن من أخلاقه أن يكون حافظاً لحروف القرآن، مضيعاً لحدوده، متعظماً في نفسه، متكبراً على غيره، قد اتخذ القرآن بضاعة يتأكَّل به الأغنياء، ويستقضي به الحوائج، يعظم أبناء الدنيا ويُحقِّر الفقراء، إن علَّم الغني رفق به طمعاً في دنياه، وإن علَّم الفقير زجره وعنَّفه لأنه لا دنيا له يطمع فيها، يستخدم به الفقراء، ويتيه به على الأغنياء، إن كان حسن الصوت أحب أن يقرأ للملوك ويصلي بهم، طمعاً في دنياهم، وإن سأله الفقراء الصلاة بهم ثقل ذلك عليه لقلة الدنيا في أيديهم”. أخلاق أهل القرآن (ص 8)
- فعلينا أيها الأحبة الرجوع إلى كتاب ربنا علمًا وعملًا، فهُو الصراط المُستقيم والمنهج القويم والمصدر للتشريع والنور المُبين للأمة من طلب العزة في غيره أذله الله، ومن بحث عن الرفعة في غيره وضعه الله، ومن اهتدى بغير هديه أضله الله، قال صلّى الله عليه وسلّم:” تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي…”.رواه الحاكم في المستدرك (1/172) وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (2937)